حال بعض المنسوبين إلى العلم كيف يهجرون قول الحق والصدع به عندما يتصادم مع مصالح رؤسائهم وكبرائهم
فحري بك أن تكون فطناً لبيباً يعرف من أين يأخذ الحق ومن هم أصحابه
خصوصاً في المسائل المصيرية المتعلقة بالأمة
ومصالحها العامة وتكون هذه المصالح متعارضة مع مصالح تلك الثلة الصغيرة التي ينطوي هؤلاء العلماء تحت لوائها
وانظر يا أيها المسلم الحر:
إلى إمامٍ من أئمة المسلمين الثقات الأثبات
الذين شهد لهم المسلمون بالسلامة والعدالة وارتضوا أقوالهم
وهو الإمام العلامة الفقيه أبو حنيفة النعمان عليه من الله الرضوان
ك
يف ترك القضاء ورفض الإنصياع للأوامر العليا التي أوجبته على القيام بهذه المهمه فرفض
ثم قاموا باستخدام أسلوب آخر
وهو الإجبار على هذا الأمر بالضرب
حتى توفي رحمه الله بسبب ذلك العذاب
ولقد وصفَ هذه القضية الكبرى وصفاً رائعا ماتعا
الشاعر الأديب الجرجاني رحمه الله في قصيدته
الأعجوبة
حيث يقول:
يقولونَ لـي: فيكَ انقباضٌ وإنّمـا
رأوا رَجلاً عن موقفِ الذُّلِ أحجما
أرى النّاسَ مَن داناهُمُ هانَ عِندهمُ
ومن أكرمتْهُ عِزَّةُ النَّفـسِ أُكْرمـا
ولم أَقضِ حقَّ العِلمِ إنْ كانَ كُلَّمـا
بـدا طمـعٌ صيرتـه ليَ سُلَّمـا
إذا قيلَ: هذا مَنهلٌ قلتُ: قـد أَرى
ولكـنَّ نَفْسَ الحُرِّ تحتملُ الظَّمـا
أنزِّهُـها عن بعضِ ما لا يَشينُهـا
مخـافة أقوال العدا: فيم أو لما ؟
فأصبحُ عن عَيبِ اللّئيـم مُسَلَّمـاً
وقد رحت في نفس الكريم معظَّما
وإني إذا ما فاتني الأمرُ لم أبِـتْ
أقـلِّـبُ كفّـي إثـره مُتَنَـدِّمـا
ولكنَّـه إنْ جـاء عفـواً قَبِلْتـه
وإنْ مال لم أُتْبِعهُ (هلاَّ) و(لَيتما)!
وأَقبِضُ خَطويَ عن حُظوظٍ كَثيرةٍ
إذا لم أَنلها وافرَ العِرضِ مُكَرمـا
وأَكرِمُ نفسي أنْ أُضاحِكَ عابسـاً
وأَنْ أَتلقّـى بالمديـح مُـذَمَّمـا
وكم طالب رقي بِنُعماهُ لم يصـِلْ
إليـه وإن كان الرَّئيسَ المُعظَّمـا
وكم نعمةٍ كانت على الحرِّ نِقمةً
وكـم مغنَـمٍ يعْتـدُّه الحرُّ مغرَما
ولم أبتذِل في خدمةِ العلم مُهجَتي
لأَخدِمَ مـن لاقيتُ لكـن لأُخدمـا
أَأَشقى به غَرْساً وأجنيهِ ذِلَّـة ؟!
إذاً فاتِّبـاعُ الجهلِ قد كان أحزَمـا
ولو أنَّ أهلَ العِلمِ صانوه صانَهمُ
ولو عظَّمـوهُ فـي النُّفوسِ تَعَظَّما
ولكن أهانـوه فهـانَ ودنّسـوا
مُـحيّاهُ بالأطمـاعِ حتـى تَجهَّمـا
وما كـلُّ بـرقٍ لاحَ يسْتَفزُّنـي
ولا كـلُّ من لاقيتُ أرضاهُ منْعِمـا
وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي يتشدق بعض أتباع المنهج السلفي (ادعاءً) باتباعه ويقرون بعلمه وإمامته لكنهم يتنكبون لمنهجه وطريقته إتباعاً للهوى وخوفاً من ذهاب بعض المناصب التي هي في النظرة الدنيوية حقيرة دنيئة فضلاً عن النظرة الأخروية
تراه قد مات رحمه الله في السجن ذائداً عن الدين واقفاً في وجوه الظلمة المعتدين , صداحاً بقول الحق لا يخاف في الله لومة لائم
إيهٍ يا ابن تيمية!!
إنّ من يُقلب الطرف في سيرتك العطرة وجهادك الدائم لأعداء الدين
وصدحك بالحق على اختلاف حالك من يسر إلى عسر
وينظر إلى لصوص العلماء
الذين أخرج عنهم الديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا رأيت العالم يخالط السلطان مخالطة كثيرة فاعلم أنه لص)
ليجد العجب العجاب وما يخلب الألباب.
أ
يتها الأمة النائمة المتكئة على فتاوى مسبوقة الدفع
استيقظي وقومي من رقادك الذي قد طال!
إن الذي ترين أمرٌ قد حدث في الأمم الغابرة وذكره الله وفضحه
أفلا تتنبهين له
أما سمعتي قوله سبحانه
(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)
ألا إنه لن تكون في الأمة ثورةٌ فكرية عارمة تجرف بسيلها الهائج الثائر
تلك الأغلال والآصار التي وضعتها الأمة عليها في سني ضعفها وانهزامها
إلا بقصد تلك الأصنام المتحجرة وكسرها بسيف الحجة والبرهان
المستمدان من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
بسبيلٍ واحد وطريق واحد وهو الطريق الأمثل والسبيل الأقوم
الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع أصنام عصره التي كان لها الحراس والسدنة الذين يتأكلون منها ويعيشون عليها ويسوسون بها
وهذه الطريقة هي:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد تلك الأصنام وسلبها خاصيتها وفرغها من محتواها عندما بيّن الدين الحق الذي يتضاد مع هذا الباطل فجعلها خواء فارغة وكان هذا في العهد المكي عندما كانت الدعوة فكريةً بالحجج الدامغات والبراهين الواضحات
ثانياً: بعد أن تكشّف للناس زيفُ هذه الأصنام والقائمين عليها
بادروا هم بأنفسهم وقد كانوا يوما ما من الذابين عنها الذائدين عن حياضها
المشهرين ألسنةً و سيوفاً في الدفاع عنها
كيف لا وهم يرونها الحق ويرونها الدين ويرون الكبراء والعقلاء يدعون لها ويبجلونها ووسائل الإعلام في عصرهم تعظمها وتقدسها
أليس حري بهم أن يكونوا جنداً من جنودها وُيخر
الكاتب: سعد بن ثقل العجمي
التاريخ: 28/12/2006
عدد القراء: 6587
أضف تعليقك على الموضوع