عالمية الإسلام في مواجهة عولمة المادية 
 
الاسلام قوة عالمية تمتلك كلّ مقومات الحضارة القادرة على قيادة العالم ، فبلاد الإسلام تملك الطاقة ، والثروة ،  والكثافة السكانية ، والامتداد الإقليمي ،  في أغنى بقع العالم ، وأكثرها تحكما في المواصلات الجوية ، والبحرية ، والبرية .
 
والحضارة الإسلامية تمتلك أغنى ثقافة إنسانية مصدرها رباني محفوظ ، قادرة على إخراج الإنسان من الظلمات إلى النور ، ومن الباطل إلى الحق ، ومن الضياع إلى الهدى ، ومن التخبط إلى الرشاد ، قال تعالى ( ، فمن اتبع هداي فلا يضل ولايشقى ، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ، ونحشره يوم القيامة أعمى ) . 
 
ولكن العالم الإسلامي ، بات يعاني من هجوم أجنبي ، غربي ، هدفــه : 
 
 الحليولة دون عودة الإسلام حضارة قيادية للعالم ، ولهذا فهو يستهدف حضارتنـا ، على شتى المستويات ،  وذلك عن طريق : 
 
1ـ التشكيك في ثوابت الحضارة الإسلامية ، في الرسول صلى الله عليه وسلم ، والقرآن ، والشريعة الإسلامية ، والتاريخ الإسلامي.
 
2ـ تمزيق العالم الإسلامي ، وتشجيع التباعد بين أقطاره ، وشعوبه ، بدعم الحروب الداخلية ،  والعنصريات البغيضة ، وتأجيج الأزمات فيه . 
 
3ـ إبقاؤه في حالة تخلف إقتصادي ، وعسكري ، وإجتماعي ، وتكنلوجي ، وسياسي.
 
4ـ إشاعة الفساد الأخلاقي المتمثل في الإباحية ، والشذوذ ، والميوعة ،  عن طريق الاعلام المفسد ، الذي يقدم النماذج المهترئة للشباب المسلم .
 
5ـ منع القيادات الإسلامية الملتزمة ، والجادة ، والنهضوية ،  من تولي زمام الأمور في العالم الإسلامي ، على مستوى الأنظمة السياسية  ، وعلى مستوى التوجيه الثقافي ،  والفكري ، والحضاري.
 
6ـ غرس النماذج الثقافية ، والقيادية ،  التي تخدم المخطط الغربي ، في مواقع صنع القرار ، والقيادة الفكرية في العالم الإسلامي .
 
والعالم الغربي يجدد هذا الغزو الفكري ، و الشمولي ، اليــوم ،  تـحــت شعار العولمة ، التي تدعو إلى الماديـّة النفعيـّة التي تقدّس المال ، واللذّة فحســب ، ويقدم  هذا الدين الجديد ( العولمة )  على أنه البديل الحضاري العالمي ، الذي يجب أن يسود العالم .
 
فالعولمة في حقيقتها هي هوية بلا هوية ، وثقافة مفرغة من أيّ قيمة إنسانية تنفع البشرية ، فهي بإختصار تعبيد البشر للمادة ، فهي صنم العولة الأكبـر ، وأما محرابها الذي تدعو الناس إلى السجود فيه ،  وقبلتها التي تيمم وجوهــهم إليها ، فأسواق المال ، وأما شريعتها فهـي عبادة الحياة الدنيا ، والتنافس فيها ، كما يتنافس الحيوانات في شريعة الغاب ، وأصدق شيء في وصفها ما قاله الله تعالى : ( ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لايهدي القوم الكافريــن ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس وإنتكس ، إن أعطي رضي ، وإن منع سخط ) .
 
فهذه العولمة الغربية تعست وانتكست ، وستقود العالم إلى الفوضى ، والدمار ، والصراع الحيواني على الملذّات ، والمنافع المادية ، ولهذا نجد الحروب ، والفقر ، و الدمار، قـد ازدادت وتيرتها ، وتضاعفـت ،  بعد إنطلاق العولمة التي يقودها الغرب .
 
ولا خلاص من مصير البشرية الأسود الذي ينتظرها إذا إنحدرت وراء العولمة الغربية ،  إلا بعالمية الإسلام الذي يدعو إلى : 
 
1ـ غرس الإيمان بالله تعالى ، والآخرة ، في نفوس الناس ، فهو الوازع الأعظم الذي يعصم الإنسان من التحوّل إلى حالة البهيمية المدمرة للحضارة البشرية . 
 
2ـ تقديم القيم الأخلاقية التي تقدس الإحسان ، والنفع الخيـّـر المتعدي ، على الجشع الرأسمالي المادي.
 
3ـ الجمع بين حاجات الجسد المباحة ، وحاجات الروح التي لاقوام للإنسان ، ولا سعادة ، ولافلاح ، إلا بهـــا .
 
مسؤولية الإسلام عالمية : 
 
وقد غرس الإسلام في نفوس أتباعه الشعور بالمسؤولية تجاه العالم ، عندما وصف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .
 
وجعل عناوين هذا الدين الرئيسة هي :  الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ، ووصف أمته بأنها أمة الخير ، وما ذلك كلـّـه إلا لتحميلها مسؤولية قيادة البشرية ، و العالم ، إلى الهدى والنور ، إذ هي التي تحمل السلـم ، والأمن ، والإحسان ، والخير للعالــم .
 
ولهذا يجب على الأمة الإسلامية أن تسعى للقيام بدورها الحضاري العالمي عن طريـق : 
 
1ـ العودة إلى شريعتها التي تحدد هويّتهــا ، وتشكّل ثقافتهـا ، وإلى تحكيمها في كلّ مناحي الحياة.
 
2ـ توحيد الأمـّة الإسلامية كلّها في نظام ينتظم جميع عوامل القوة والإستقلال ، ويحمل رسالتها العالمية في إطار حضاري شامـل ، يواجه مشكلات العصر ، ويحلها ،  بثوابته الهادية ،  بوسائل مكافئة عصرية.