ملخص الصراع بين جماعة كولن المقيم بأمريكا وحكومة أردغان

 

فتح الله كولن

ملخص ما ذكره الكاتب التركي إسماعيل ياشا

تتهم جماعة كولن ـ المقيم في أمريكا ! ولجماعته نفوذ واسع بتركيا ووسائل إعلام كثيرة ومراكز ثقافية متنوعة منتشرة  ـ حكومة أردغان بانها تخلق مشكلات مع (إسرائيل) وتبتعد عن المعسكر الغربي وتتسامح مع إيران وأنها حكومة دكتاتورية وأنها تستهدف جماعة كولن وتضيق عليها إلى جانب اتهامات أخرى

رد الحكومة على الاتهامات

وفي المقابل، ترفض الأوساط الحكومية والمقربة منها هذه الانتقادات والاتهامات التي توجهها جماعة كولن إلى حكومة أردوغان، وترد عليها بما يلي:-

أولا: جماعة كولن تريد المشاركة في الحكم دون أن تتحمل مسؤوليتها السياسية، ولا يمكن للحكومة تسليم الحكم الذي منحه لها الشعب التركي عبر صناديق الاقتراع أو جزء منه، إلى جماعة لم تخض الانتخابات، لأنه يعتبر وصاية على الإرادة الشعبية. 

وليس بوسع الحكومة أن تتخلى عن الأمانة التي حمَّلها الشعب، وأن تسلم إلى الجماعة جميع المناصب التي تطلبها، مثل رئاسة الاستخبارات وغيرها من المناصب الحساسة. 

ومن غير المقبول في النظام الديمقراطي أن تكون هناك دولة داخل الدولة، وإن كانت الجماعة تسعى إلى حكم البلاد، فعليها تأسيس حزب سياسي لتخوض به الانتخابات، وتطلب من الشعب أن يمكنها من تشكيل الحكومة وحدها، أو المشاركة فيها.

ثانيا: الجماعة عاشت أفضل أيامها خلال السنوات العشر الأخيرة في عهد حكومات حزب العدالة والتنمية، وكانت القوى العلمانية تسعى لتصنيف جماعة كولن كمنظمة إرهابية، ولكن حكومة أردوغان حالت دون ذلك بتغيير قانون مكافحة الإرهاب.

وبالتالي، اتهام الحكومة بالتضييق على الجماعة لا أصل له، بل أردوغان نفسه تدخل لمنع إغلاق مدارس الجماعة في روسيا، محذرا بوتين من أن خطوة من هذا القبيل قد تفسد العلاقات التجارية بين البلدين.

ثالثا: قرار إغلاق مراكز التعليم الخاصة لا يستهدف الجماعة، بل هو جزء من برنامج متكامل يرمي إلى إصلاح نظام التعليم الحالي، الذي يحمل الطلاب أعباء إضافية ويثقل كاهل الأسر. 

وكان الأستاذ فتح الله كولن قد اقترح على الانقلابيين أيام التدخل العسكري في 1997 أن يسلم إليهم مدارس الجماعة ومراكزها، فلماذا الجماعة الآن تدافع عنها بشراسة وكأنها مسألة حياة أو موت؟

رابعا: منهج الجماعة عدم الخروج على 'ولي الأمر' و'السلطة'، وعندما عارض الأستاذ فتح الله كولن انطلاق أسطول الحرية لكسر حصار غزة، قال: 'كان عليهم أن ينسِّقوا أولا مع السلطة'، في إشارة إلى الحكومة الإسرائيلية.

واعتبر كولن قرارات مجلس الأمن القومي في 28 فبراير/ شباط 1997، اجتهادا للمجلس 'إن أصاب فيه فله أجران وإن أخطأ فله أجر'، فلماذا الآن اختار منهج الخروج على الحكومة؟

خامسا: مبادرة الحل النهائي للمشكلة الكردية بالغة الأهمية لحاضر تركيا ومستقبلها، وربما الجماعة تشعر بأنها أصبحت خارج المعادلة أو تفضِّل الحلول العسكرية والأمنية على الحلول السياسية والتفاوضية، ولكن ليس من الوطنية استهداف المبادرة وخطواتها، بالرغم من تصريحات كولن المؤيدة للمصالحة.

سادسا: الأحزاب السياسية أكثر شفافية وديمقراطية من الجماعات الدينية التي تقدِّس زعماءها وتطيعهم طاعة عمياء، وليس من العدل والإنصاف اتهام رئيس حكومة منتخبة بـ'الدكتاتورية' و'السلطوية'. 

وكتَّاب الجماعة يتهمون الحكومة بالضغط على وسائل الإعلام، ولكننا نجد حتى في وسائل الإعلام المقربة من الحكومة من ينتقد سياساتها، بخلاف وسائل الإعلام التابعة للجماعة التي لا يمكن أن تنشر أي خبر أو مقال ينتقد أنشطة الجماعة أو زعيمها.

سابعا: اتهام الحكومة بمحاباة إيران لا أساس له، والتباين في موقفي البلدين من الثورة السورية خير دليل على ذلك، ولكن في المقابل هناك علامات استفهام كثيرة حول علاقة الجماعة مع الولايات المتحدة، فلماذا يقيم زعيم الجماعة فتح الله كولن في ولاية بنسلفانيا الأميركية ولا يعود إلى أرض الوطن؟

تداعيات الصراع
وسط انتقادات واتهامات متبادلة، يجب أن لا ننسى أن لب المشكلة هو الخلل في العلاقات بين الجماعات والحكومات، وحاجة الأحزاب السياسية إلى تأييد الجماعات، وغير ذلك من العناوين المتعلقة بدور الجماعات في الحياة السياسية وحدوده، لأن الاختلافات الأخرى غالبا ما تدور حوله.

وبدون مناقشة هذا الموضوع والاتفاق على أرضية مشتركة يلتزم الجميع بحدوده، فلن تنتهي الصراعات بين الجماعات والحكومات.

ومن المتوقع أن تلقي المعركة الإعلامية التي تدور حاليا في تركيا بين جماعة كولن وحكومة أردوغان بظلالها على الانتخابات المحلية، التي ستجري في نهاية مارس/آذار القادم.

وتُقدَّر الأصوات التي تتحكم فيها الجماعة ما بين اثنين وخمسة بالمائة، ولكنه ليس من المؤكد أن يلتزم جميع أعضائها بقرار عدم تأييد حزب العدالة والتنمية. 

جماعة كولن حرصت دائما على الابتعاد عن 'الإسلام السياسي'، ولذلك كانت متحالفة قبل أردوغان مع تورغوت أوزال وبولنت أجاويد، وأكبر مشكلة أمامها الآن عدم وجود منافس يمكن أن تتحالف معه. 

ولذا فقد تتجه إلى تأييد حزب الشعب الجمهوري أو الأحزاب الأخرى في الدوائر الانتخابية المختلفة حسب أسماء المرشحين، بدلا من تأييد حزب واحد في جميع أنحاء تركيا. 

الجماعة التي تمتلك وسائل إعلام عديدة من القنوات والصحف والمجلات بالإضافة إلى وكالة الأنباء، قد تنال من شعبية أردوغان وحزبه بحملات إعلامية مكثفة، إلا أن الجماعة نفسها هي أيضا لن تنجو من التداعيات السلبية لهذا التصعيد، لأن جماعة كولن التي طالما رفعت شعار 'التسامح'، لأول مرة تخوض معركة بهذه الشراسة وهذه اللهجة، ضد حكومة منتخبة حازت على ما يقارب 50% من أصوات الناخبين.

عن أسماعيل ياشا ـ الجزيرة نت


التاريخ: 21/12/2013