السؤال:

الشيخ الفاضل : حامد بن عبد الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعدُ :

س 1 : ذهب بعضهم إلى عدم تكفير مَن ألقى المصحف بفعل نبي الله موسى - عليه السلام - حين ألقى الألواح , فما هو توجيهكم ؟

س 2 : قال شيخ اٍلإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى في المجلد 35 صفحة 372-373 : ( ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتداً كافراً يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة ) .

والسؤال : ما هو دليل هذا من الكتاب والسنة ؟

وجزاكم الله خيراً

**************************

جواب الشيخ:

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أما الاول فنقول له هب أن من ألقى المصحف لايكفر ، فهل هو أيضا لايفسق بكبيرة ، فإن قال لايفسق فقد كابــــر ، وإن قال يفسق بكبيرة ، فنقول : فما جوابك عما فعله موسى عليه السلام ، إذ هو نبي لايفعل الكبائر ولا يفسق حاشاهم سلام الله عليهم ، فليس له إلا أن يقول : إنه مثــل الفعل اللاإرادي حين ذهل موسى عليه السلام ، عما فــي يده ، لما رأى قومه يعبدون العجل ، فغضب وألقى التوراة ذاهــلا ، وقد رفع التثريب عــن الناسي والمخطىء والمكره ، وكذلك نقول في الحكم بالكفر ، فمن ذهل عن مصحف بيده فألقاه فذلك عفــو ، كمــن رآى حريقا ، أو غريقا ، أو بهته أمــر مــأ ، فحكم ذلك كسائر الافعال اللاإرادية ، إذ الإثم إنما يترتب على العمــد .
-----------------
وأما قول شيخ الاسلام فقد قال ( وليس المراد بالشرع اللازم لجميع الخلق ، " حكم الحاكم " ، ولو كان الحاكم أفضل أهل زمانه ، بل حكم الحاكم العالم العادل يلزم قوما معينين تحاكموا إليه في قضية معينة ، لايلزم جميع الخلق ، ولايجب على عالم من علماء المسلمين أن يقلد حاكما لا في قليل ولا كثير ، إذا كان قد عرف ما أمر الله به ورسوله ، بل لايجب على آحاد العامة تقليد الحاكم في شيء ، بل له أن يستفتي من يجوز له استفتاؤه وإن لم يكن حاكما ، ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتداً كافراً يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة ) ـ
المصدر المذكور في السؤال .
ومعنى كلامه أن العالم إن اتخذ غير الشرع طاغوتا يتحاكم إليه فإنه يكون مرتدا كافرا ، ولايعني أنه إذا أطاع الحاكم الجائر في معصية الله مخالفا حكم الله يرتد بمجرد ذلك ، بل يكون من علماء السوء الفاسقين ، الشبيهين بعلماء بني اسرائيل المغضوب عليهم إذ علموا الحق فخالفوه على علم ، ومن يعرف كلام شيخ الاسلام في هذا الباب يتبين له أن هذا هــو قصده لايعدوه والله أعلم