|  
 | 
 
  | 
الحمد لله والصلاة والسلام على  نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد : 
بالنسبة للمرابحة تركها أولى بكل حال حتى لقد افتى بعض  العلماء أنها حيلة على الربا بـــل أشــدّ تحريما منه كما كان يفتي الفقيه العلامة  محمد العثيمين رحمه الله .
واشترط من أباحها أن يشتري  البنك الإسلامي السلعة ويحوزها أولا ثم يبيعها للزبون ، ولايكفي أن يشتربها شفاهة  بل يحوزها بعقد له سلطة الإلزام ـ  إنْ  شــقّ نقلها إلى حوزتــه ـ   حتى لايقع في  النهي عن بيع مالايملك كما صــح في الحديث ( لاتبع ما ليس عندك ) رواه أحمد والأربعة من حديث  حكيم بن حزام رضي الله عنه   ،   ولايجوز أن يلزم البنك الزبون بالوعد المسبق  بأنه سيشتري السلعة إن اشتراها البنك ، بل يخيـّره البنك بعدما يحوزها لحديث زيد بن  ثابت ( نهى أن تباع السلع حتى يحوزها التجار )  خرجه أبو داود وغيره ، ثم  إن شاء عقد  الزبون البيع ، وإن شاء لم يفعل وكان الوعد المسبق وعدا غير ملزم  .
فإن تمت المرابحة بهذه الصورة فهي مباحة عند جماعة من  العلماء والأولى تركها ، ولولا أن الناس أحبّوا التكاثر والتفاخر لما احتاجوهــا ،  ولكن قد غلب على نفوس الناس التعلّق بزينة الحياة الدنيا ، ولو اتقى الله العبد  وقنع باليسير واستعان به على طاعة ربه ، بورك له في ماله حتى لايحتاج إلى الشبهات ،  بله الحــرام ، ولكن أكثر الناس لايعلمون.
أما ما يفعله بعض الناس ، حيث يركبّون التورّق غير الشرعي ،  على المرابحة غير الشرعيّة ، فهي ظلماتٌ بعضها فوق بعض  .
وذلك بأن يُجروا عقد المرابحة في صورتها غير الشرعية ،  فالبنك يبيع السلعة للزبون قبل أن يحوزها ، ثم يبيعها الزبون نقدا على تاجــر  ،  قبل أن يحوزهـا ، زاعما أن هذا هو  التورق ، كما يفعلون عندنــا في بيع الإسمنت ، والحديد ، ومواد البناء ..  إلــخ  !
وإنما مقصودهم  من  هذه الحيــل ، تحصيل الزبون المبلغ النقدي دينا عليه لدى البنك ، بزيادة هي الفائدة  الربوية ذاتها ، لكن من خلال عقدين صوريين فحسب ، لاحقيقة لهما ، فالزبون لايزيد  علــى توقيع على أوراق في أوراق ،  حبـر  على ورق !! حتى إن الزبون ربما لايرى السلعة قط ، يشتريها البنك ويبيعها عليه ، ثم  يبيعها على غيره ـ وأحيانا يكون هذا الأخيــر عميلا للبنك أيضا ـ ويقبض الزبون  المال ويبقى عليه الدين بفائدة !
فهذا والله الربا بعينه ، وقد اقتحم الناس فيه  ، بفتاوى يصدرها من يقبض راتبه من نفس البنك  الإسلامي ! فتاوى ما أنزل الله به من سلطان ، ينظر فيها المفتى إلى توفير المال  للزبائن دينا بفائدة ، بأيّ حيلة تمضي لهم ما يرغبون فيه من تحصيل المبالغ النقدية  ، بغض النظر عن قيود وضوابط الشريعة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون  
وبهذا تحولت فكرة البنك الإسلامي إلى مؤسسة قروض ،  غالب وظيفتها توفير النقد بفائدة ، لكن بتوسط  حيل محرمـــة ، وأصبح غالب الناس مدينيــن   ، والبنك الإسلامي هو الدائن العام الذي يحصل فوائد ديونه في المجتمع . فإنا  لله وإنا إليه راجعون .
 والله  أعلم